ثقافة البردوني الساخرة :
لا یشك أحد في أن ما یحیط بالإنسان یسھم بشكل أو بآخر في تكوین توجھات ھذا
الفرد ، سواء بشكل كبیر یظھر على تصرفاته المختلفة ، أو بدرجة بسیطة ، قد یجدھا
المتتبع لتفاصیل حیاة ھذا الفرد . وحدیث رسول الله صلى الله علیه وسلم خیر شاھد
على أثر البیئة في توجھات أفرادھا حین قال : " ما من مولود إلا یولد على الفطرة،
فأبواه یھودانه أو ینصرانه أو یمجسانه، كما تنتج البھیمة بھیمة جمعاء، ھل تحسون
فیھا من جدعاء "(١)
، ثم یعقب علیه ابن حجر بقولھ : "الكفر لیس من ذات المولود
ومقتضى طبعه بل إنما حصل بسبب خارجي، فإن سلم من ذلك السبب استمر على
الحق "(٢)
. فھذا الحدیث یدلنا على أثر البیئة الخارجیة في الفرد ، وكیف أنھا تحدد
اتجاھاته المستقبلیة . فالدین ھو أھم مقومات بناء الشخصیة ، فإذا كان عرضة للتغییر
بسبب مؤثرات خارجیة ، فما عداه أولى بأن یتأثر بھذه المؤثرات . وھذا ما یقرره
علماء النفس ، إذ تستند التربیة في ھذا المجال إلى فھم صحیح للعوامل المؤثرة في
تكوین الشخصیة، ونموھا ، كعوامل الوراثة ، والعوامل البیئیة الطبیعیة ( المادیة )
والاجتماعیة ، وطبیعة وقوة المثیرات الثقافیة ، وطبیعة ومستوى الخبرات والمؤثرات
الأخرى
، فشخصیة الفرد ھي نتاج ظواھر خارجیة أثرت في تكوین ھذه
الشخصیة،مع الاستعداد الذاتي . فإذا عرفنا أن الأسلوب ھو الفرد
بھذا تكون التجربة الفنیة أو الصورة الأدبیة تعبیرا
(١)
فتح الباري في شرح صحیح البخاري ج ٣ باب الجنائز باب ما قیل في أولاد المشركین ص ٢٩٠
(٢
)المرجع السابق ص ٢٩٢ .