من هو أبو محمد الجولاني ؟

هو زعيم تنظيم "هيئة تحرير الشام" (HTS)، المعروف سابقاً بجبهة النصرة، والذي يُعتبر من أبرز الشخصيات الجهادية في سوريا. اسمه الكامل هو "أبو محمد الجولاني"، وهو يُعتقد أن اسمه الحقيقي هو "أحمد حسين الشرعي"، ولكنه اختار استخدام الاسم الحركي "الجولاني" نسبة إلى منطقة الجولان المحتلة، في إشارة إلى القضية الفلسطينية ورمز المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
النشأة والمسار الأولي
أبو محمد الجولاني من مواليد سوريا، وينتمي إلى أسرة متواضعة. كان الجولاني في البداية ناشطًا في المجال الدعوي والديني، ويميل إلى الفكر السلفي الجهادي. في بداية انخراطه في النشاطات الجهادية، سافر إلى العراق حيث شارك في العمليات القتالية ضد القوات الأمريكية في فترة الاحتلال الأمريكي للعراق (2003–2011). بعد انسحابه من العراق، انتقل الجولاني إلى سوريا مع بداية اندلاع الثورة السورية في 2011، حيث انخرط في النشاطات الجهادية التي كانت تروج لمناهضة النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد.
تأسيس جبهة النصرة
في 2012، ظهر الجولاني كأحد قادة "جبهة النصرة"، التي كانت في البداية جزءًا من تنظيم "القاعدة". وقد كانت جبهة النصرة تهدف إلى الإطاحة بنظام الأسد، ولكنها تبنت أسلوبًا جهاديًا متشددًا، وبدأت تكتسب دعمًا من مجموعات جهادية دولية، بالإضافة إلى تقديم المساعدات لمقاتلين من خارج سوريا. في عام 2013، أعلن الجولاني ولاءه للزعيم السابق لتنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، ثم خلفه أيمن الظواهري.
التحول إلى "هيئة تحرير الشام"
في عام 2016، انفصلت جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة بشكل رسمي، وغيّر الجولاني اسم التنظيم إلى "جبهة فتح الشام". في عام 2017، تطور الأمر بشكل أكبر عندما تم دمج عدة فصائل جهادية تحت اسم "هيئة تحرير الشام" (HTS). وعلى الرغم من إعلان الجولاني تحلل فصيله من تنظيم القاعدة، إلا أن الكثير من المراقبين يرون أن فكر الجولاني لا يزال متأثرًا بشدة بالفكر الجهادي المتطرف، رغم محاولاته تعزيز الصورة السياسية لتنظيمه.
الدور في الصراع السوري:
منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية، لعبت هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني دورًا كبيرًا في الحرب ضد النظام السوري في شمال غرب البلاد، وخاصة في إدلب. كما تصدر الجولاني خطابًا سياسيًا متغيرًا يتماشى مع التطورات على الأرض. في البداية، كان الجولاني يُعتبر من قادة الحركات الجهادية المتشددة، وكان يُنظر إليه على أنه جزء من المحور السني الجهادي. ومع مرور الوقت، اتخذت هيئة تحرير الشام منحى أكثر براغماتية، حيث حاول الجولاني تحسين علاقات التنظيم مع بعض القوى الإقليمية والدولية، وتحديدًا مع تركيا.
الجولاني بعد عام 2020:
في عام 2020، ظهر الجولاني في مقابلة تلفزيونية نادرة، حيث حاول تقديم صورة مغايرة عن نفسه، فحاول التخفيف من حدة خطاباته السابقة التي كانت تتسم بالتشدد. ركز في حديثه على محاربة الفساد، وتعهد بتطوير مؤسسات إدارة المناطق التي يسيطر عليها، مثل إدلب. كما أكد الجولاني على أنه لا يهدف إلى تنفيذ مشاريع خارجية، بل يسعى لتأمين المنطقة التي يسيطر عليها.
هذه التطورات تشير إلى أن الجولاني قد حاول تكييف نفسه مع واقع جديد في الحرب السورية، وهو لا يقتصر فقط على الجهاد العسكري، بل يسعى أيضًا إلى أن يكون لاعبًا سياسيًا قادرًا على التفاعل مع التغيرات الإقليمية والدولية.
التحديات
تظل هيئة تحرير الشام تحت ضغط كبير من مختلف الأطراف، بما في ذلك النظام السوري، وقوى دولية وإقليمية مثل الولايات المتحدة وروسيا. كما أن الجولاني يواجه تحديات في الحفاظ على وحدة فصائل المعارضة في شمال غرب سوريا، خاصة في ظل وجود العديد من الجماعات المسلحة التي تختلف في أهدافها وأيديولوجياتها.
الخلاصة:
أبو محمد الجولاني يمثل شخصية معقدة في الصراع السوري، يجمع بين البعد الجهادي والتطور السياسي. ورغم محاولاته تعديل صورته والابتعاد عن التشدد، لا يزال يُعتبر من أبرز القادة الجهاديين في سوريا، ولا يزال تأثيره كبيرًا في المشهد السياسي والعسكري في شمال البلاد.