علاقة فقه الواقع بعلم تفسير الاحداث
اقصد بفقه الواقع هو ان نفهم اغلب ما في واقعنا من احداث مؤثرة على حقيقتها وخاصة الاحداث التي تؤدى الى اقامة الدين ممثلا في دولة او الاحداث التي تمنع إقامة الدين ممثلا في دولة تحكم بشرع الله ثم تأتى
بعد ذلك بقية الاحداث الرئيسية التي تؤثر فى حياتنا وواقعنا بشكل مباشر أو غير مباشر سواءا كانت هذه الاحداث تمس حياتنا الشخصية او الاسرية او الاجتماعية او الجماعية او الجنائية أو الشعبية او واقع الدولة التي تحكمنا بمختلف أدوات القوة والسيطرة وكذلك فهم النظام العالمي و الدول العظمي و بالتأكيد ستكون هناك امور رئيسية علينا ان نفهمها وستكون هناك امور ستبدو لنا انها غير رئيسية و لكنها في غاية الاهمية وعلينا ايضا ان تدركها على حقيقتها و لكن فقه واقع المعارضة الاسلامية لا شك سياتي في مقدمة الامور الخطيرة التي يجب أن نفهم واقعها بشكل حقيقي ثم يأتي بعد ذلك فقه واقع الشعوب ثانيا فحقيقة الشعوب تعتبر في المقام الأول أكبر و أهم كثيرا من واقع الحكومات وخاصة الشعوب العربية
ثم ياتى فى المقام الثالث فى الأهمية دراسة واقع الحكومات باسلوب واقعى أى البعيد عن تبنى النظريات
الرسمية البلهاء والبعيد كذلك عن التبنى الدائم للنظريات الاسطورية والتفسير التأمرى المبالغ فيه عن
قوة وقدرة هذه الحكومات والانظمة و المبالغة الاسطورية في تفسير الكثير من الاحداث والوقائع كذلك .
و من فقه الواقع كذلك ان نعلم ونفهم اهم الامور و المصالح التي تؤثر في حياة الناس وتشكلها و تدفعهم الى الحركة او الرغبة الحقيقية فى التغيير و نفس هذا العلم يعنى و يهتم بدراسة الحوادث التي تجرى عليهم ( على الناس ) و الفهم العميق لاسرارهم الداخلية التي تدفعهم الى التحرك في اتجاه معين و ان اعلنوا خلاف ذلك فهو علم ينظر نظرة اجمالية متكاملة للسنن التي تحكم الواقع وخاصة واقع الشعوب و هو يهتم ايضا بواقع الشعوب بنفس الدرجة التي يهتم فيها بواقع الحكومات الحقيقي الذى من المستحيل ان يتم اعلانه للرأى العام
و يجب ان ينتبه القارىء اننى لا اقصد بفقه الواقع اى فقه تنزيل الاحكام الشرعية حسب الضوابط التي اتفق عليها العلماء والفقهاء وان كان فقه الواقع الادلة والنصوص اقوى وافضل من فقه الواقع السياسي و الاجتماعى و لكن فى الحقيقة ان كلاهما يكمل ويتمم الاخر اى فقه واقع الشعوب و سياسات الدول و فقه النصوص الشرعية و لكننى يجب ان اشير باختصار شديد و بأمثلة سريعة ماهو فقه الواقع من الناحية الشرعية ثم بعد ذلك نتحدث عن فقه الواقع السياسي والاجتماعي و سائر انواع فقه الواقع الاخرى
و فقه الواقع في دين الاسلام باختصار هو :-
كيفية تطبيق النص على الواقعة وانزاله عليها و هو ما عبر عنه العلماء بتحقيق المناط و كذلك عبر
الاجتهاد السائغ شرعا فيما لا نص فيه من الوقائع المتجددة .
..... و حتى نضرب على هذا التعريف لفقه
الواقع من الناحية الشرعية امثلة فاذكر هذه الامثلة التي ذكرها الدكتور عبد العزيز القارىء في احد مقالاته
الرائعة فى مجلة البيان العدد ۷۸ بتصرف يسير :-
المثال الأول في العبادات
الأذان يوم الجمعة: فقد كان الأذان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أوله عندما يجلس الإمام على المنبر، وكذلك في عهد أبي بكر وعمر ولكن في عهد عثمان وعلي كثر الناس وزاد الأذان الثالث على الزوراء و (الزوراء) هى موضع بِالْمَدِينَةِ عند السوق قرب المسجد وذكر الداودي أنه مُرتفع كالمنار
اخرج الْجَمَاعَةُ إِلَّا مُسْلِمًا عَنْ السَّائِبِ بْن يَزِيدَ قَالَ: " كَانَ النَّدَاء يَوْمَ الْجُمْعَة أَوْلَهُ إِنَّا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَثُرَ النَّاسُ زاد النداء الثَّالِثَ على الزوراء " وفي رواية للبخاري : " زَادَ النَّدَاءَ الثَّانِي " وَزَادَ ابْنَ مَاجَة عَلَى دَارٍ فِي السُّوقِ يُقَالُ لَهَا الزَّوْراءُ، وَتَسْمِيَتْهُ ثَالثا؛ لِأَنَّ الْإِقَامَة تُسَمّى أَذَانَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ بَيْنَ كُلَّ أَذَاتَيْنِ صَلَاةَ ، وَهَدًا وقد تعلق بما ذكرنا مِن أنه لم يَكُن عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا هَذَا
الْأَذَانُ بَعْضٍ مَنْ نفي أن للجُمْعَةِ سنة، فإنه من المعلوم أنه كان - صلى الله عليْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا رَقَى الْمِنْبَرَ أَخَدَّ بِلال فِي الْآذَانِ فَإِذَا أَكْمَلَهُ أَخَذَ - صلى الله عليه وسلم - في الخُطْبَة، فمتى كانوا يُصَلُّونَ السَّنْةَ وَمَنْ ظَلَنْ أَنَّهُمْ إِذَا فُرِغَ مِنَ الْأَذَانِ قَامُوا فَرَكَعُوا فَهُو مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ، وَهَذَا مدفوع بأن خروجة - صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَان الزَّوَالِ بِالضَّرُورَةِ فَيَجُوزُ كَونَهُ بَعْدَمَا كَانَ يُصلي الْأَرْبَعَ، ويجب الْحُكْمُ بِوُقُوعِ هَذَا الْمُجَوْزِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ النَّوَافِلِ مِنْ عُمُومٍ أَنَّهُ كَانَ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي إِذا زَالَت الشَّمْسَ أَرْبَعًا يَقُولُ: هَذِهِ سَاعَةً تفتح فيها أَبْوَابُ السَّمَاءِ فاجب أن يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلَ صَالِحً»
) فتح القدير للكمال بن الهمام ٢ - ٦٩ )
و ما كان هذا الآذان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا على عهد الصاحبين، وإنما هو سنه الخليفة الراشد عثمان قياساً على باقي الصلوات هذا أذان لإعلام الناس بدخول الوقت في أوله، فقاس الجمعة على باقي الصلوات هذه نازلة وهذا ما واجهها به الصحابة من فقه والصحابة في عهد عثمان عملوا بفعله
في سائر المدن والأمصار وقد كانوا منتشرين فيها.